
غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: الإمارات تتقدم نحو اقتصاد الرفاه المستدام
باحثون إماراتيون وأكاديميون عالميون يطلقون تقريراً استراتيجياً لاقتصاد أكثر استدامة
دبي، الإمارات العربية المتحدة – 29 اكتوبر 2025: أطلقت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالتعاون مع معهد “سي إنستيتيوت” في المدنية المستدامة في دبي، وجامعة السوربون أبوظبي، تقرير “مستقبل مزدهر: دعم مسيرة دولة الإمارات نحو بناء اقتصاد رفاه”، والذي يقدم إطار عملي لبناء اقتصاد أكثر استدامة ورفاهية ضمن رؤية دولة الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة.
الإمارات ريادة عالمية في العمل المناخي والتنمية الشاملة
ويتناول التقرير، الذي تم إعداده من قبل الباحثتين نجلاء المطروشي ونيكول ويبر، الحاصلتين على جائزة اقتصاد الرفاه 2024/2025، التي أطلقتها منظمة غرينبيس، جهود دولة الإمارات في تحقيق التنمية المستدامة الشاملة، مسلطًا الضوء على الخطوات العملية التي اتخذتها الدولة لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للاقتصاد المستدام. ويشير التقرير إلى أن الإمارات استثمرت في تنويع مصادر الدخل وتحقيق النمو الاقتصادي المتوازن، مع مراعاة حماية البيئة ورفاهية المجتمع واستدامة الموارد الطبيعية.
كما يستعرض التقرير الرؤى الوطنية الاستراتيجية في الدولة بما في ذلك رؤية “نحن الإمارات 2031″، ومئوية الإمارات 2071، واستراتيجية الحياد المناخي 2050، والتي تساهم في بناء اقتصاد متجدد قائم على الرفاهية والتوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.
ويبرز التقرير العوامل الرئيسة التي تجعل الإمارات في الصدارة، مثل تبني الابتكار البيئي، والمحاكاة الحيوية في التصميم العمراني والاقتصادي، والاستفادة من القيم التقليدية في إدارة الموارد المشتركة. ويقدّم التقرير هذه العناصر كخطوات عملية يمكن أن تُرشد صُنّاع القرار في القطاعين العام والخاص نحو تحقيق اقتصاد متجدد وشامل يرسخ مكانة الإمارات كنموذج عالمي يحتذى به في التنمية المستدامة والعمل المناخي. ويوضح التقرير أدوات التمويل المستدام مثل صكوك الرفاهية لدعم مشاريع التعليم والصحة والبنية التحتية الاجتماعية، وأوقاف البيئة الخضراء لدعم الطاقة المتجددة وحماية التنوع البيولوجي.
وقالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال حفل إطلاق التقرير في المدينة المستدامة في دبي: “لطالما كانت دولة الإمارات أرض الرؤى الجريئة. فخلال بضعة عقود فقط، حوّلت الطموح إلى إنجازات ملموسة، وجعلت من الرفاه وجودة الحياة والاستدامة ركائز أساسية للتخطيط الوطني. وما نحتاجه اليوم هو الخطوة التالية: أن نتعلّم من أعظم معلّم لدينا – الطبيعة. فمن خلال محاكاة الطبيعة، يمكننا أن نبتكر كما تصون الصحاري مياهها، وكما تحمي غابات القرم الشواطئ، وكما تكتسب الشعاب المرجانية قوتها من التعاون. ومن خلال الحوكمة القائمة على الموارد المشتركة، يمكننا أن ندير ما نتشاركه – أي المياه والهواء والتربة والمعرفة – بعناية ومسؤولية. وعندما تتكامل هذه المنهجيات، فإننا لا نكتفي بإزالة الكربون من نموذجنا، بل نعيد تصميمه بالكامل. فننتقل من الاستخراج إلى التجديد، ومن المكاسب قصيرة الأجل إلى الازدهار المستدام – لبناء اقتصاد متجدد يعزّز التماسك الاجتماعي، ويضمن الازدهار طويل الأمد، ويقدّم نموذجًا عالميًا لتنمية قائمة على الرفاه”.
وأضافت “لقد أثبتت التجارب أنّ السياسات الطموحة قادرة على تحقيق تحوّلات بيئية واجتماعية في آن واحد. تمتلك دولة الإمارات الإرث الثقافي إلى جانب القدرات المالية والمؤسسية لقيادة هذا التحوّل. ومن خلال البناء على الأسس الراسخة التي أرستها رؤية 2031 ورؤية 2071 ومبادرات الحياد المناخي 2050، وتوسيع نطاق المشاريع المستلهمة من محاكاة الطبيعة مثل “أبراج البحر” ومدينة “مصدر” و”المدينة المستدامة”، تستطيع الدولة أن تضع نموذجًا يُحتذى به إقليميًا وعالميًا. وعبر دمج ذكاء الطبيعة في السياسات والتخطيط والابتكار، يمكن للإمارات أن تكون في طليعة الدول التي تبني مستقبلًا قادرًا على الصمود، منصفًا، وتجديديًا لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم”.
المدينة المستدامة في دبي: نموذج حي عملي لاقتصاد الرفاه
وشمل التقرير دراسة حالة موسّعة حول المدينة المستدامة في دبي، التي طوّرتها مجموعة “سي القابضة” بوصفها نموذجًا عالميًا حيًا في الحوكمة القائمة على المشاركة المجتمعية والإدارة الرشيدة للموارد.
ويشير التقرير إلى أن المدينة المستدامة تمثل دليلا عمليًا لاقتصاد الرفاه، يجمع بين الكفاءة البيئية، والتكامل الاجتماعي، والاستدامة الاقتصادية، حيث تُعد أول مجتمع في المنطقة يعتمد على الطاقة الشمسية عبر أكثر من 40 ألف لوح شمسي بقدرة إنتاجية تبلغ 10 ميغاواط.
وجاء تصميم المدينة ليدعم تسريع التحول نحو مدن حيادية الانبعاثات، من خلال بنية عمرانية تقلل الاعتماد على السيارات وتُشجع على المشي واستخدام وسائل التنقل الكهربائية المشتركة. كما تحتضن “المنطقة الزراعية” في قلب المدينة قببًا خضراء ومزارع حضرية وممرات خضراء تشكّل في الوقت نفسه فضاءً بيئيًا واجتماعيًا مفتوحًا للتفاعل والمشاركة. ويعتبر التقرير المدينة المستدامة في دبي نموذجًا حيًا لمدن المستقبل القادرة على تحقيق التوازن بين الإنسان والبيئة، ومثالًا عالميًا يُحتذى به في التنمية الحضرية منخفضة الكربون.
دمج البحث العلمي في اقتصاد الرفاه المستدام
وفي تعليقها على التعاون في إصدار التقرير، قالت الدكتورة كليو شافينو، رئيسة معهد الابتكار والبحث العلمي (سفير) في جامعة السوربون أبوظبي: “تشرفت جامعة السوربون أبوظبي بالمساهمة في هذا التقرير الهادف لتعزيز الاستدامة البيئية في الدولة. ونؤكد التزام الجامعة بتعزيز البحث العلمي الذي يربط بين الرؤى الأكاديمية والتأثير العملي على أرض الواقع.”
وقالت نجلاء المطروشي، الباحثة المشاركة في التقرير: “انطلقنا في إعدادنا للتقرير من إيمان راسخ بأن الرفاهية ليست ترفًا للقلة، بل إيقاع جماعي لمجتمع متناغم مع بيئته. ويتضمن التقرير مجموع من المخرجات التي تدعو إلى إعادة التفكير في النمو، ليس كتسارع بل كتنمية، وليس كهيمنة بل كرعاية. كما يركز على رؤية جيل جديد قادر على وضح حلول مستندة على التعاطف والمعرفة والتعايش تشكل نهجا راسخا نحو المستقبل الذي نصنعه بأيدينا”.
-انتهى-
								
															

