قادة عالميون يسلّطون الضوء على العمل الخيري الاستراتيجي كمحرّك للمساعدات الدولية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة
رأس المال الخيري العالمي يتخطى تريليون دولار سنويًا متجاوزًا بثلاثة أضعاف حجم المساعدات الإنسانية والتنموية مجتمعة
يُقدَّر حجم العمل الخيري الخاص في الولايات المتحدة بنحو 600 مليار دولار في عام 2024، أي ما يقارب عشرة أضعاف أعلى مستوى من المساعدات السنوية التي قدّمتها الحكومة الأمريكية.
انضمّ كبار روّاد العمل الخيري، معالي بدر جعفر، وتسيتي ماسييوا، وجاكلين نوفوغراتس، إلى زيد رعد الحسين، رئيس المعهد الدولي للسلام، للدعوة إلى شراكات قائمة على الثقة وعابرة للقطاعات.
الشارقة، الإمارات العربية المتحدة – 30 سبتمبر 2025: نظم «المعهد الدولي للسلام»، بالتعاون مع المبعوث الخاص لوزير الخارجية لدولة الإمارات لشؤون الأعمال والعمل الخيري، لقاءً جمع قادة عالميين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة وأسبوع المناخ في نيويورك، وذلك في إطار سلسلة «قادة العالم» التي يقدّمها المعهد بعنوان رؤى من كتاب «عمل الخير كمنظومة أعمال». وخلال هذا اللقاء، دعا المشاركون إلى تحرّك عاجل ومشترك يضمن فاعلية أكبر لجهود المساعدات الدولية ويُسهم في توسيع نطاق أثرها عالميًا.
وقد استضاف المعهد الفعالية في «مركز تريغفه لي» المقابل لمقر الأمم المتحدة في نيويورك، مع بث مباشر للجمهور حول العالم. وتخلّل الحدث كلمات ورؤى قدّمها معالي بدر جعفر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات لشؤون الأعمال والعمل الخيري، خلال جلسة حوارية أدارها زيد رعد الحسين، رئيس المعهد الدولي للسلام، بمشاركة رائدة العمل الخيري تسيتي ماسييوا (مؤسِّسة «هايرلايف» و«دلتا فيلانثروبيز») وجاكلين نوفوغراتس (مؤسِّسة «أكيومن»).
وفي كلمته، استعرض معالي بدر جعفر، من خلال كتابه «عمل الخير كمنظومة أعمال: رؤى وأفكار من قادة عالميين حول كيفية تغيير العالم»، مجموعة من الدروس والتجارب، مؤكّدًا على الدور الفريد الذي يضطلع به العمل الخيري الاستراتيجي في توفير تمويل محفّز، وفي الوقت نفسه إقامة جسور بين العلاقات المعقّدة التي تربط الحكومات والمجتمع المدني وقطاع الأعمال.
وصرّح معالي بدر جعفر: “إن العمل الخيري قادر، بل ويجب، أن يضطلع بدور أعمق بكثير باعتباره الرابط الذي يجمع بين الإرادة السياسية والابتكار في قطاع الأعمال، من أجل إحداث الأثر المضاعف الذي تشتد الحاجة إليه لمواجهة العديد من التحديات الوجودية المشتركة. وبما أنه أكثر تحمّلًا للمخاطر، وأكثر صبرًا، وأكثر عدالة مقارنة بأشكال رأس المال الأخرى، فإن العمل الخيري مُهيأ ليصبح قوة أساسية متزايدة الأهمية في السنوات المقبلة.”
وجاءت هذه الرسائل في وقت يواجه فيه التمويل التقليدي للمساعدات الإنسانية والتنموية ضغوطًا متزايدة، حيث أبرزت الفعالية المكانة التي بات يحتلها رأس المال الخيري اليوم بوصفه أداة قادرة على إحداث تغييرات اجتماعية جذرية. فقد تجاوزت التدفقات الخيرية العالمية تريليون دولار سنويًا، أي ما يزيد بثلاثة أضعاف إجمالي المساعدات الإنسانية والتنموية مجتمعة، وأكثر من عشرة أضعاف حجم التمويل المناخي الذي قدّمته الدول المتقدمة للاقتصادات النامية خلال السنوات الأخيرة. أما في الولايات المتحدة وحدها، فقد قُدّر حجم العمل الخيري الخاص بنحو 600 مليار دولار في عام 2024، أي ما يعادل قرابة عشرة أضعاف أعلى مستويات التمويل السنوي التي قدّمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
كما تناول المتحدثون في الجلسة فرصًا لإعادة توجيه المساعدات الخاصة بصورة أكثر استراتيجية، مؤكدين أن دمج العمل الخيري مع رأس المال الاستثماري قادر على تقليص المخاطر المرتبطة بالاستثمارات اللاحقة، وفتح آفاق أوسع للوصول إلى شبكات عالمية ومصادر تمويل أكبر. وأكدوا كذلك أهمية إبراز الترابط بين المناطق الجغرافية والقطاعات المختلفة لتقديم حلول طويلة الأمد، مع التشديد على المكانة المتقدمة التي تحتلها دولة الإمارات بوصفها مركزًا عالميًا للأعمال والعمل الخيري، وشريكًا موثوقًا، ومنصة جامعة، وجهة فاعلة على صعيد التنفيذ.
ومن جانب آخر، تم تسليط الضوء على نماذج جديدة للعطاء والتعاون وقياس الأثر، باعتبارها ركائز أساسية لإطلاق الابتكار وتوسيع نطاق الحلول. وتضمنت الأمثلة المطروحة كيفية توظيف التكنولوجيا لتمكين المجتمعات المحلية المتأثرة من المشاركة في التصميم المشترك للحلول، وتطوير نماذج العطاء الجماعي المتعدد الأطراف، وتعزيز شبكات الثقة. كما أجمع المشاركون على أهمية الاستثمار في البنية التحتية للعمل الخيري، ودفع عجلة البحث عبر الشراكات الأكاديمية، وتنظيم التعاون بين القطاعات من خلال مؤسسات مثل «المعهد الدولي للسلام»، فضلًا عن تمكين الجيل القادم من المبتكرين الاجتماعيين عبر برامج التدريب والإرشاد، بما يفتح المجال أمام بناء مستقبل أكثر شمولية ومرونة.
###